وفي كتاب "المستشرقون والقرآن" يحاول الأستاذ إسماعيل سالم عبد العال في صفحة واحدة الرد على بلاشير بعد أن يعرض لكلامه في نفي كتابة القرآن المكي، ولكنه بدلا من أن يأتي بأدلة مقنعة على الكتابة في مكة يسأل الكاتب بلاشير بأنه لا دليل له في نفي الكتابة، ويصف ما صدر منه على أنه تخرصات وافتراءات صدرت من مراكز الاستشراق ليس إلا. ثم يحاول إثبات الكتابة في مكة من خلال الاستشهاد بأنه كان للنبي ﷺ عدد من الكتاب المكيين. والغريب أن الكاتب ذكر أسماء لعدد من كتاب النبي ﷺ المكيين والذين تأخر إسلامهم إلى ما بعد الهجرة وبعضهم إلى قريب من فتح مكة حيث يقول :>إنه ـ بلاشير ـ يعلم أن هناك كتبة للوحي، بل يعلم أن منهم مكيين كالخلفاء الأربعة ومعاوية وخالد بن الوليد وعبد الله بن الزبير”(١٧). ومعلوم أن إسلام خالد ومعاوية رضي اللَّه عنهما كان بعد الهجرة بسنوات.
ويبدو أن المسألة كانت غامضة عند الدكتور فاروق حمادة في كتابه :"مدخل إلى علوم القرآن والتفسير"، حيث يقول ما نصه :>ولا يفوتني أن أشير إلى أن القرآن الكريم قد لقي نفس المنهج من الحفظ والتدوين في مكة، وإن كانت عملية التدوين لما تتضح لي بعد كثيراً، إلا أنه ورد في بعض الآثار ما يدل على ذلك منها قصة إسلام سيدنا عمر.. “(١٨). هذا كل ما كتبه عن الموضوع.
ولإزالة هذا اللبس والغموض عن موضوع ذي أهمية بالغة، حيث يتعلق بثلثي القرآن الكريم وهو مانزل في العهد المكي، ولجمع المادة بعد التقاطها واستخراجها واستنباطها من بطون أمهات الكتب في مكان واحد يسهل الرجوع إليه، ولإعطاء القارىء صورة كاملة وشاملة وواضحة حول عملية كتابة القرآن الكريم في العهد المكي ومصير القرآن المكي المكتوب، يجتهد الباحث في دراسة هذا الموضوع بعد التوكل على البارىء عز وجل، ومن خلال دراسة بعض الألفاظ التي وردت في القرآن المكي، وتحليل الآيات المكية والأحاديث النبوية وسرد أحداث السيرة النبوية وتتبعها.
أسئلة البحث


الصفحة التالية
Icon