ومنها الرسالة المشهورة في السيرة التي سلمها الرسول ﷺ لعبد الله بن جحش عندما أرسله في مهمة خاصة. وملخص القصة :>أن رسول اللّه ﷺ بعث عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي وثمانية من المهاجرين، وكتب له كتاباً، وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه، ولا يكره أحداً من أصحابه، ففعل، ولما فتح الكتاب وجد فيه...<(٢). وكانت الصحيفة من أديم خولاني نسبة إلى خولان من مخاليف اليمن أو إلى خولان بدمشق، وقد كتبه أبي بن كعب(٣).
ثم إنه كانت من عادة العرب كتابة الأمور والأحداث المهمة على قطع من الجلود الفاخرة والرقاع ونوع خاص من القماش، فقد كتبت صحيفة قريش وعلقت في الكعبة وغيرها، وقد قال زهير بن أبي أمية المخزومي بعد أن طاف بالبيت وأقبل على الناس. >والله لا أقعد حتى تُشَقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة... فقام المطعم بن عدي بن نوفل إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا ما كان باسمك اللهم، كانت تفتتح بها كتبها<(١). فهل قال أحد إنها كانت مكتوبة على قطعة حجر أو عظم، لماذا مثل هذه الأمور تكتب على الجلد أو ما رق من الأدوات بحيث يمكن شقها وتمزيقها بسهولة، وبحيث تأكلها الأرضة، >والأرضة لا تحب أكل الأحجار والعظام كما يؤكده علماء الحيوان، وإن كانت تستطيب صحف النبات والنسيج وغيرها<(٢)، وتحصر النص القرآني على مثل هذه الوسائل.
ويضاف إلى كل ما ذكر من أن القرآن الكريم كان يكتب على أدوات رقيقة من جلود وورق البردي وغير ذلك، ما تذكره كتب الحديث النبوي من وجود عدة صحف للحديث النبوي الشريف كُتِبْنَ بين يدي النبي ﷺ مثل الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص، و قد نقل الإمام أحمد محتواها في مسنده(٣)، و صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري، وغيرهما مما ذكر في كتب الحديث(٤). فكيف تتم كتابة الحديث النبوي على صحف ويكتب القرآن على أدوات أقل قيمة وأكثر خشونة من تلك!: