... وقد وقع بعض اختلاف في متن هذه الرواية عند أبي عبيد حيث قال السيوطي:" وأخرج ابن راهويه في مسنده، وأبو عبيد في الفضائل، وعبد بن حميد، وابن الأنباري في المصاحف عن هاني البربري مولى عثمان قال: لما كتب عثمان المصاحف شكوا في ثلاث آيات فكتبوها في كتف شاة وأرسلوني بها إلى أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فدخلت عليهما فناولتها أبياً بن كعب فقرأها، فوجد فيها :( لاتبديل للخلق ذلك الدين القيم) فمحا بيده أحد اللامين وكتبها: ( لا تبديل لخلق الله) ووجد فيها ( انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنن) فمحا النون وكتبها ( لم يتسنّه) وقرأ فيها :(فأمهل الكافرين) فمحا الألف وكتبها: (فمهل ). ونظر فيها زيد بن ثابت، ثم انطلقت بها إلى عثمان فأثبتوها في المصاحف كذلك"(١).
... وقد ذكر الطبري هذه الرواية في التفسير وعلق عليها قائلاً:" وكتب لم يتسنّه، ألحق فيها الهاء، ولو كان ذلك من يتسنى أو يتسنن لما ألحق فيه أبيّّ هاء لا موضع لها فيه، ولا أمر عثمان بإلحاقها فيها. وقد روي عن زيد بن ثابت في ذلك نحو الذي روي فيه عن أبي بن كعب"(٢).
... وفي هذا الأثر يظهر أن المصحح هو أبي بن كعب والموافق زيد وعثمان، غير أن أبا عبيد روى عن هانئ رواية فحواها غير ذلك فقال:" حدثني عبد الرحمن ابن مهدي عن أبي الجراح عن سليمان بن عمير عن هانئ مولى عثمان قال : كنت الرسول بين عثمان وزيد بن ثابت. فقال زيد سله عن قوله (يتسنّ) أو ( يتسنّه) فقال عثمان : اجعلوا فيها الهاء"(٣).
... قلت : وأورد السيوطي هذه الرواية وعزاها إلى أبي عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري. غير أنه فيها ( يتسنن) بنونين(٤).
(٢) الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، (٣/٢٦)، دار الريان للتراث، القاهرة، ١٩٨٧م.
(٣) أبو عبيد، فضائل القرآن، (ص١٥٩)
(٤) السيوطي، الدر المنثور، (٢/٣١)