وجزم الداني في المقنع بأن عكرمة لم يسمع من عثمان ولا رآه(١)، وقد دافع الحافظ ابن حجر عن عكرمة في مقدمة الفتح دفاعاً شديداً قال فيه : احتج به البخاري وأصحاب السنن وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقروناً بسعيد بن جبير. وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه. وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك وصنفوا في الذب عن عكرمة، منهم أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ومحمد بن نصر المروزي وأبو عبد الله بن مندة وأبو حاتم بن حبان وابو عمرو بن عبد البر وغيرهم(٢).
وقد ذكر ابن حجر عن الطبري في هذا المجال ما نصه: ولوكان كل من ادّعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه(٣).
وذكر الحافظ في التقريب عكرمة باسم عكرمة بن عبد الله(٤)وقال فيه: ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة(٥).
والخلاصة :
... أن عكرمة ثقة ولكن لم ير عثمان ولا سمع منه كما جزم الداني ولم يذكر المزي ولا ابن أبي حاتم له سماعاً من عثمان أو رواية عنه ويمكن أن يستدل لذلك بما يلي :
أولاً: أن أصل عكرمة من البربر من أهل المغرب وقد كان عبداً لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لعبد الله بن عباس حين جاء والياً على البصرة لعلي بن أبي طالب كما في ترجمته في تهذيب الكمال. وإذا كان كذلك علمنا أنه لم يأت إلى البلاد إلا بعد وفاة عثمان مع العلم بأن وفاة عثمان رضي الله عنه في (٣٥) للهجرة وعكرمة في (١٠٧) للهجرة.
(٢) العسقلاني : علي بن أحمد، هدي الساري، (٤٤٦-٤٥١) دار الربان للتراث، القاهرة، ط١، ١٩٨٦م.
(٣) السابق، نفس المكان.
(٤) هو تصحيف وصوابه أبو عبد الله
(٥) العسقلاني، علي بن أحمد بن حجر، تقريب التهذيب، (٢/٣٠) دار المعرفة، بيروت، ط٢، ١٩٧٥م، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.