أما ترتيب السور فأمر مختلف فيه فبعضهم يقول أنه توقيفي و بعضهم يقول أنه اجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم، قال الباقلاني :( يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه و سلم قد رتب سوره، و أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده. و لم يتول ذلك بنفسه، و هذا الثاني أقرب ) (١٦).
الفصل السابع
في إعجاز القرآن
الإعجاز :
كان القرآن معجزا للعرب ذوي الفصاحة و البلاغة، تحداهم فلم يقدر أحد منهم على معارضته، حتى دخلوا في دين الله تعالى و من أشهر الذين دخلوا في الإسلام بسبب إعجابهم بإعجاز القرآن : عمر بن الخطاب و أسيد بن حضير و سعد بن معاذ و غيرهم.
مدار الإعجاز :
لقد كان الإعجاز هو أسلوب القرآن و نظمه و بيانه و لم يكن لشيء خارج عن ذلك.
القول بالصرفة :
زعم النظام و هو من أئمة المعتزلة في العصر العباسي أن الله تعالى صرف العرب عن معارضته، و كان مقدورا لهم، وقد أنكر هذا القول جمهرة علماء اللغة و الدين، و تولوا الرد عليه منذ أيام الجاحظ ثم القاضي عبد الجبار المعتزلي حتى العصر الحاضر.
قال ابن كثير :" و أما من زعم من المتكلمين أن الإعجاز إنما هو من صرف دواعي الكفرة عن معارضته مع إمكان ذلك أو سلب قدرتهم على ذلك فقول باطل " (١٧)
تلخيص :
نلخص بعض الأمور التي لابد من معرفتها في موضوع الإعجاز :
١. قليل القرآن و كثيره في شأن الإعجاز سواء.
٢. الإعجاز في أسلوب القرآن و نظمه و بيانه، و خصائصه الفنية مباينة للمعهود من خصائص البيان البشري.
٣. هذا التحدي مستمر إلى يوم القيامة و موجه إلى الثقلين أيضاً.
ترجمة القرآن :
الحق في هذه المسألة التي كثر الأخذ و الرد فيها أن نقرر أن ترجمة القرآن أمر مستحيل لأن أي نص بليغ تتعذر ترجمته في أي لغة من لغات العالم فما القول بالكلام الإلهي المعجز، و أما تفسير معاني آياته بغير اللغة العربية فأمر لا مانع منه، بل إنه واجب و لكنه لا يسمى قرآنا بحال من الأحوال.