ثم قال أبو إسحاق الشاطبي: "ففي الحديثين بيان أن الغفلة عن أسباب التن-زيل تؤدِّي إلى الخروج عن المقصود بالآيات"(١).
ثم ساق أبو إسحاق الشاطبي الأثر الذي فيه إنكار ابن مسعود على من قال: إن المقصود بالدخان في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾(٢) يوم القيامة، ثم ذكر قول ابن مسعود في الآية، وأن الدخان إنما كان في الدنيا استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم(٣).
ثم قال أبو إسحاق: "وهكذا شأنُ أسباب النزول في التعريف بمعاني المنزَّل، بحيث لو فقد ذكر السبب، لم يعرف من المنزل معناه على الخصوص، دون تطرق من الاحتمالات، وتوجه الإشكالات..."(٤).
ثم ساق أبو إسحاق الشاطبي عن بعض الصحابة والتابعين آثارًا تحرض طالب العلم على تعلم علم الأسباب، وتشير إلى أن علم الأسباب من العلوم التي يكون العالم بها عالما بالقرآن(٥).
التعليق على مبحث: أسباب النزول:
هذا المبحث من المباحث المهمة في علوم القرآن الكريم، ولأهميّته فقد أفرده طائفة من العلماء بالتأليف، منهم الإمام علي بن المديني(٦)، والإمام الواحدي، وكتابه مشهور معروف(٧)، والإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه "العجاب في بيان الأسباب" قال عنه تلميذه السيوطي: "مات عنه مسوَّدة فلم نقف عليه كاملاً"(٨).

(١) الموافقات (٤/١٥١).
(٢) سورة الدخان، الآية: ١٠.
(٣) انظر الموافقات (٤/١٥٢)، وانظر الحديث في صحيح البخاري - مع الفتح - (٨/٥١١)، كتاب التفسير، سورة الروم، ح (٤٧٧٤).
(٤) انظر الموافقات (٤/١٥٢).
(٥) انظر المرجع نفسه (٤/١٥٢، ١٥٣).
(٦) انظر البرهان (١/٢٢).
(٧) وقد طُبع عدة طبعات، بعضها محقق، وبعضها غير محقق.
(٨) انظر الإتقان (١/٨٣) وقد خرج الكتاب محققا، لكنه غير كامل.


الصفحة التالية
Icon