ثم قال: "وقد وقعت في القرآن تفاسير مشكلة يمكن أن تكون من هذا القبيل، أو من قبيل الباطن الصحيح، وهي منسوبة لأناس من أهل العلم، وربما نسب منها إلى السلف الصالح"(١) ثم ذكر أمثلة على هذه التفاسير المشكلة(٢).
التعليق على مبحث: التفسير الإشاري للقرآن الكريم
التعليق على هذا المبحث من ثلاثة أوجه:
الأوّل: أن المعتمد لمن ذهب إلى هذا التفسير - التفسير الإشاري - هو ما أخرجه الإمام البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأنَّ بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟. فقال عمر: إنه من حيث علمتم. فدعا ذات يوم(٣) فأدخله معهم فما رُئيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾(٤) فقال بعضهم: أُمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا. فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول ؟ قلت: هو أجل رسول الله ﷺ أعلمه له، قال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾(٥) وذلك علامة أجلك ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾(٦) فقال عمر: ما أعلم منها إلاَّ ما تقول"(٧). وقد ذكر أبو إسحاق هذا الدليل(٨).
والثاني أن أبا إسحاق لم يرد التفسير الإشاري جملة، ولم يقبله جملة، بل فصّل في ذلك وهذا هو الحق.
(٢) انظر المصدر نفسه (٤/٢٣٥) وما بعدها.
(٣) هكذا في النسخة التي بين يدي من صحيح البخاري: ((فدعا ذات يوم)).
(٤) سورة النصر، الآية: ١.
(٥) سورة النصر، الآية: ١.
(٦) سورة النصر، الآية: ٣.
(٧) صحيح البخاري - مع الفتح - (٨/٧٣٤، ٧٣٥)، كتاب التفسير، باب قوله:
﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾ ح (٤٩٧٠).
(٨) انظر الموافقات (٤/٢١٠، ٢١١).