هذا المبحث مهم جدًّا؛ لأن كتب التفسير قد ملئت بتعديد الأقوال التي تُذكر على سبيل الاختلاف، أو تذكر على أنها مما جاء عن العلماء، وعند النظر فيها والتحقيق على ضوء ما ذكره الإمام أبو إسحاق الشاطبي وغيره نجد كثيرًا منها مؤتلف، غير مختلف.
وممن نبه على هذه المسألة شيخ الإسلام أحمد بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله تعالى(١).
وكم هو جدير بالمتأخرين المعاصرين من علماء التفسير أن يولوا هذه المسألة اهتماما بالكتابة في ذلك وتوجيه الباحثين إليها، فهم بذلك يقربون تراث المتقدمين إلى المتأخرين، ويحببونهم فيه، وينقونه مما شابه من الشوائب الكثيرة.
وأما أسباب الاختلاف الحقيقية فلم يذكرها أبو إسحاق الشاطبي هنا؛ لأنها معروفة، طرقها الباحثون ضمن مؤلفاتهم(٢)، وأفردها بعضهم بالتأليف(٣).
المبحث الثاني عشر: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي
في وجود المعرَّب في القرآن الكريم
أشار أبو إسحاق إلى هذه المسألة إشارة تبعية(٤)تحت عنوان وضعه بقوله: "النوع الثاني في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام ويتضمن مسائل"(٥).
(٢) انظر التسهيل لعلوم التن-زيل (١/١٥)، وبحوث في أصول التفسير ومناهجه، ص (٤٤).
(٣) مثل الأستاذ الدكتور سعود الفنيسان في أطروحته للدكتوراه فقد كانت بعنوان ((اختلاف المفسرين أسبابه وآثاره)).
(٤) إذ إن مقصوده من الكلام على هذه المسألة أن يبين أن القرآن نزل بلسان العرب على الجملة فطلب فهمه إنما يكون من هذا الطريق خاصّة. انظر الموافقات (٢/١٠٢).
(٥) الموافقات (٢/١٠١).