فقال: "وأما كونه جاءت فيه ألفاظ من ألفاظ العجم، أو لم يجيء فيه شيء من ذلك فلا يحتاج إليه إذا كانت العرب قد تكلمت به، وجرى في خطابها، وفهمت معناه، فإن العرب إذا تكلمت به صار من كلامها، ألا ترى أنها لا تدعه على لفظه الذي كان عليه عند العجم، إلا إذا كانت حروفه في المخارج والصفات كحروف العرب، وهذا يقل وجوده، وعند ذلك يكون منسوبا إلى العرب، فأما إذا لم تكن حروفه كحروف العرب، أو كان بعضها كذلك دون بعض، فلا بد لها من أن تردها إلى حروفها، ولا تقبلها على مطابقة حروف العجم أصلاً، ومن أوزان الكلم ما تتركه على حاله في كلام العجم، ومنها ما تتصرف فيه بالتغيير كما تتصرف في كلامها، وإذا فعلت ذلك صارت تلك الكلم مضمومة إلى كلامها كالألفاظ المرتجلة والأوزان المبتدأة لها، هذا معلوم عند أهل العربية لا نزاع فيه ولا إشكال.
ومع ذلك فالخلاف الذي يذكره المتأخرون في خصوص المسألة لا ينبني عليه حكم شرعي، ولا يستفاد منه مسألة فقهية، وإنما يمكن فيها أن توضع مسألة كلامية يبنى عليها اعتقاد، وقد كفى الله مؤنة البحث فيها بما استقر عليه كلام أهل العربية في الأسماء الأعجميّة"(١).
التعليق على مبحث: وجود المعرَّب في القرآن الكريم
يُفهم من كلام أبي إسحاق في هذه المسألة أنه لا يستبعد وجود بعض الكلمات في القرآن أصلها ليس عربيا، إلاَّ أنه يرى أن العرب بعد أن تكلمت بها، وغيَّرت فيها حتى تتناسب مع العربية أصبحت في هذه الحالة عربية وبها نزل القرآن الكريم.
وهذا الذي ذهب إليه أبو إسحاق هو مذهب من أراد الجمع بين قولين، أحدهما: ينفي وجود المعرَّب في القرآن الكريم، والآخر: يثبت وجود المعرَّب.