(٦) وقال الإمام أبو إسحاق الشاطبي - في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾(١)-: "التقدير: ولأن هذه أمتكم، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾(٢)على قراءة الفتح(٣)، أي: بأني لكم نذير مبين، ومثله قوله:﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾(٤)حمله سيبويه على تقدير اللام(٥). وقال تعالى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾(٦)..."(٧).
والحقيقة أن الإمام أبا إسحاق الشاطبي قد أكثر من المباحث النحوية المتعلقة بالقرآن الكريم، ولا أُبالغ إن قلت: إن هذه المباحث لو جُرّدت لبلغت مجلدَين.
المبحث السابع: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في ذكر القراءات وتوجيهها
اشتهر أهل المغرب والأندلس بملازمة علمين عظيمين، والتبحر فيهما، هما علم العربية والقراءات.
والإمام أبو إسحاق الشاطبي قد أثَّر فيه هذا الاتجاه، فهو أحد علماء العربية الذين يشار إليهم بالبنان، وكتابه "المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية" شاهد بإمامته في فن العربية.

(١) سورة المؤمنون، الآية: ٥٢. وفتح الهمزة من قوله: "وأن هذه" قراءة متواترة. انظر النشر (٢/٣٢٨).
(٢) سورة هود، الآية: ٢٥.
(٣) وبها قرأ أبو جعفر وأبو عمرو وابن كثير والكسائي ويعقوب وخلف. انظر: المبسوط في القراءات العشر، ص (٢٣٨)، وانظر النشر (٢/٢٨٨).
(٤) سورة الجن، الآية: ١٨.
(٥) انظر الكتاب لسيبويه (٣/١٢٧) فقد ذكر هذه الآيات كلها وغيرها وأعربها بما قاله أبو إسحاق هنا.
(٦) سورة القمر، الآية: ١٠. ويريد الشاطبي أن يقول: التقدير: لأني مغلوب.
(٧) انظر المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية (١/١٤٧).


الصفحة التالية
Icon