أما القراءات فهو عالم بها متمكن فيها، خصوصا القراءات السبع، فقد ذكر تلميذه المجاري أن الإمام الشاطبي قرأ القراءات السبع على شيخه محمد بن الفخار البيري - الذي كان من أحسن قراء الأندلس تلاوة وأداء - في سبع ختمات(١).
وقد تعرض أبو إسحاق الشاطبي - في أثناء مؤلفاته - لذكر القراءات السبع وتوجيهها، وهاك بعض الأمثلة في ذلك:
(١) قال أبو إسحاق الشاطبي - في أثناء الكلام على أن النكرة قد يتخصص بالإضافة -: "وفي القرآن الكريم... ﴿وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً﴾(٢)على قراءة غير نافع وابن عامر(٣)، هو جمع قبيل، أي: قبيلاً قبيلاً، وصِنْفا صِنْفا، وإنما ساغ هنا الحال من النكرة المُخصَّصة كما ساغ الابتداء بالنكرة إذا خُصِّصت؛ لأنها بذلك تقرب من المعرفة، فعوملت معاملة المعرفة في صحة نصب الحال عنها"(٤).
(٢) وقال - أيضا -: "... إلا أنه قد حكى في التسهيل(٥)أن الواو قد تدخل على المضارع المنفي بـ(لا)، واستشهد عليه بقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾(٦)في قراءة غير نافع(٧)، فقوله: "ولا تُسْألُ" جملة حالية دخلت عليها الواو.

(١) انظر برنامج المجاري، ص (١١٩).
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١١١.
(٣) إذ قراءتهما بكسر القاف، وفتح الباء. انظر إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي، ص (٣١٦).
(٤) انظر المقاصد الشافية (٢/٣٥).
(٥) يعني ابن مالك. انظر تسهيل الفوائد (ص/١١٣).
(٦) سورة البقرة، الآية: ١١٩. ولم أر الآية - في النسخة التي اطلعت عليها من التسهيل - في الموضع المشار إليه.
(٧) يعني من السبعة، وإلا فإن يعقوب أيضا من العشرة يقرأ بالجزم. انظر إرشاد المبتدي، ص (٢٣٢).


الصفحة التالية
Icon