وهذا الشاهد لا شاهد فيه؛ لعطفه على "بشيرًا" و"نذيرًا" فالواو عاطفة، وإنما الشاهد في قراءة ابن ذكوان: "ولا تتبعَانِ"(١)بتخفيف النون(٢)، فالنون فيه نون الرفع، وهو خبر لا نهي، والجملة في موضع الحال، أي: فاستقيما غير متبعين..."(٣).
(٣) وقال - في قوله تعالى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾(٤)-: "على قراءة من قرأ بذلك(٥) أي: اقتدِ اقتداء... فتضمر المصدر ثم تبنيه لما لم يُسمَّ فاعله،
مضمرًا فيه اسم المفعول كما أضمرته في بناء الفاعل(٦)".
(٤) وقال في قوله تعالى: ﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾(٧) -: "فنصب "السماء" باعتبار "يسجدان" ولو اعتبر أوَّل الجملة لجاء: (والسماءُ رفعها)... وفي القرآن أيضا: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾(٨)قرأ الحرميان(٩)وأبو عمرو بالرفع في "القمر" وباقي السبعة بالنصب(١٠)، فالرفع على اعتبار "والشمسُ تجري" والنصب على اعبتار "تجري"(١١).
المبحث الثامن: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في تفسير آيات العقيدة

(١) سورة يونس، الآية: ٨٩.
(٢) هي قراءة ابن ذكوان عن ابن عامر الشامي. انظر إتحاف فضلاء البشر، ص (٢٥٣).
(٣) انظر المقاصد الشافية (٢/١٠٣).
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٩٠.
(٥) وهي قراءة ابن عامر. انظر علل القراءات (١/١٩٠)، والمبسوط في القراءات العشر، ص (١٩٨).
ونسبها أبو حيان أيضا إلى أحد رواة ابن عامر وهو ابن ذكوان. انظر البحر (٤/١٧٦).
(٦) انظر المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية (١/٣٤).
(٧) سورة الرحمن، الآية: ٦، ٧.
(٨) سورة يس، الآية: ٣٨، ٣٩.
(٩) هما ابن كثير المكي، ونافع المدني.
(١٠) انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع (٢/٢١٦).
(١١) انظر المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية (١/١٠٤). ومن أشكل عليه شيءٌ من كلام أبي إسحاق فلينظر الدر المصون (٩/٢٧٠) و (١٠/١٥٤).


الصفحة التالية
Icon