والأمثلة على هذا الاتجاه في تفسيره كثيرة جدًّا، أكتفي بما ذكرت، ومن أراد الوقوف عليها فليراجع مؤلفات أبي إسحاق الشاطبي، رحمه الله تعالى، خصوصا الاعتصام(١)، والموافقات(٢).
المبحث التاسع: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في أحكام القرآن الكريم
لم يُغفل الإمام أبو إسحاق الشاطبي أحكام القرآن في آيات الأحكام التي تعرض إلى تفسيرها، وكيف يغفلها وهو الفقيه الأصولي الذي سارت بفتاواه الركبان ؟.
والإمام أبو إسحاق الشاطبي - على عادته - قد جاء بالفوائد، والاستنباطات البديعة، التي قد لا توجد عند كبار المفسرين المعتنين بأحكام القرآن، ولا عند من خصه بمؤلف.
وإلى جانب ما تقدم فقد نقل عن أئمة من المالكية وغيرهم، كتبهم في عداد المفقود، وما وُجد منها لم يطبع حتى الآن، مثل أحكام القرآن للقاضي إسماعيل المالكي البغدادي(٣).
إلاّ أن الإمام أبا إسحاق الشاطبي لم يكن مكثرًا في تفسير أحكام القرآن إذا قورن هذا المبحث بالمباحث الأُخر التي ذكرتها في هذا الفصل.
وقد استفاد في هذا الجانب من الإمام أبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي، فإنه قد رجع إلى كتابه أحكام القرآن(٤).
وإليك بعض الأمثلة على هذا المبحث:
(٢) انظر منها (٣/٣١٣، ٣٣٣) (٤/٢٢٥، ٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٩، ٢٣٢، ٢٣٣).
(٣) أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق الأزدي - مولاهم - الفقيه المالكي القاضي العلامة، من مؤلفاته "القراءات" و "معاني القرآن وإعرابه" و "أحكام القرآن" وتوجد منه قطعة في تونس (ت: ٢٨٢ه-) انظر العبر (١/٤٠٥)، وطبقات المفسرين للداودي (١/١٠٦)، وتاريخ التراث العربي (١/٣/١٦٣).
(٤) انظر الموافقات (٤/١٩٥)، و أحكام القرآن لابن العربي (٤/١٩٥٥).