فلهذا كان الأصل في آي القرآن أن يكون بين الآية ولاحقتها تناسب في الغرض. أو في الانتقال منه أو نحو ذلك من أساليب الكلام المنتظم المتصل، ومما يدل عليه وجود حروف العطف المفيدة الاتصال مثل الفاء ولكن وبل ومثل أدوات الاستثناء، على أن وجود ذلك لا يعين اتصال ما بعده بما قبله في النزول، فإنه قد اتفق على أن قوله تعالى )غير أولى الضرر( نزل بعد نزول ما قبله وما بعده من قوله )لا يستوي القاعدون( إلى قوله )وأنفسهم( قال بدر الدين الزركشي بعض مشايخنا المحققين قد وهم من قال لا تطلب للآي الكريمة مناسبة والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم.
على أنه يندر أن يكون موقع الآية عقب التي قبلها لأجل نزولها عقب التي قبلها من سورة هي بصدد النزول فيؤمر النبي بأن يقرأها عقب التي قبلها، وهذا كقوله تعالى )وما نتنزل إلا بأمر ربك( عقب قوله )تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا( في سورة مريم، فقد روى أن جبريل لبث أياما لم ينزل على النبي ﷺ بوحي، فلما نزل بالآيات السابقة عاتبه النبي، فأمر الله جبريل أن يقول )وما نتنزل إلا بأمر ربك(