وكذلك قوله تعالى )واللاء يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللاء لم يحضن( فإنه لو وقف على قوله )ثلاثة أشهر( وابتدأ بقوله )واللاء لم يحضن( وقع قوله )وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن( معطوفا على )اللاء لم يحضن( فيصير قوله )أجلهن أن يضعن حملهن(. خبرا عن )اللاء لم يحضن وأولات الأحمال( ولكنه لا يستقيم المعنى إذ كيف يكون لللاء لم يحضن حمل حتى يكون أجلهن أن يضعن حملهن.
وعلى جميع التقادير لا تجد في القرآن مكانا يجب الوقف فيه ولا يحرم الوقف فيه كما قال ابن الجزري في أرجوزته، ولكن الوقف ينقسم إلى أكيد حسن ودونه وكل ذلك تقسيم بحسب المعنى. وبعضهم استحسن أن يكون الوقف عند نهاية الكلام وأن يكون ما يتطلب المعنى الوقف عليه قبل تمام المعنى سكتا وهو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف، فإن اللغة العربية واضحة وسياق الكلام حارس من الفهم المخطئ، فنحو قوله تعالى )يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم( لو وقف القاري على قوله )الرسول( لا يخطر ببال العارف باللغة أن قوله )وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم( تحذير من الإيمان بالله، وكيف يخطر ذلك وهو موصوف بقوله )ربكم( فهل يحذر أحد من الإيمان بربه.
وكذلك قوله تعالى )أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها( فإن كلمة بناها هي منتهى الآية والوقف عند أم السماء ولكن لو وصل القارئ لم يخطر ببال السامع أن يكون بناها من جملة أم السماء لأن معادل همزة الاستفهام لا يكون إلا مفردا.