وأقول: لا شك في أن زيد بن ثابت وعثمان بن عفان وهما من أكبر حفاظ القرآن من الصحابة، توخيا ما استطاعا ترتيب قراءة النبي ﷺ للسور، وترتيب قراءة الحفاظ التي لا تخفى على رسول الله ﷺ وكان زيد بن ثابت من أكبر حفاظ القرآن وقد لازم النبي ﷺ مدة حياته بالمدينة، ولم يتردد في ترتيب سور القرآن على نحو ما كان يقرؤها النبي ﷺ حين نسخ المصاحف في زمن عثمان. ذلك أن القرآن حين جمع في خلافة أبي بكر لم يجمع في مصحف مرتب وإنما جعلوا لكل سورة صحيفة مفردة ولذلك عبروا عنها بالصحف، وفي موطأ ابن وهب عن مالك أن ابن عمر قال جمع أبو بكر القرآن في قراطيس. وكانت تلك الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين، بسبب أنها كانت وصية أبيها على تركته، فلما أراد عثمان جمع القرآن في مصحف واحد أرسل إلى حفصة فأرسلت بها إليه ولما نسخت في مصحف واحد أرجع الصحف إليها، قال في فتح الباري: وهذا وقع في رواية عمارة ابن غزية أن زيد بن ثابت قال: أمرني أبو بكر فكتبت في قطع الأديم والعسب فلما هلك أبو بكر وكان عمر كتبت ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده والأصح أن القرآن جمع في زمن أبي بكر في مصحف واحد.