صفحة : ٥٣
ويدل لتأصيلنا هذا ما وقع إلينا من تفسيرات مروية عن النبي ﷺ لآيات، فنرى منها ما نوقن بأنه ليس هو المعنى الأسبق من التركيب؛ ولكنا بالتأمل نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما أراد بتفسيره إلا إيقاظ الأذهان إلى أخذ أقصى المعاني من ألفاظ القرآن، مثال ذلك ما رواه أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال ما منعك أن تجيبني؟ فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله تعالى استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم؟، فلا شك أن المعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال، كقوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، وأن المراد من الدعوة الهداية كقوله ) يدعون إلى الخير(، وقد تعلق فعل دعاكم بقوله )لما يحييكم( أي لما فيه صلاحكم، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي أيضا وهو إجابة النداء حمل النبي ﷺ الآية على ذلك في المقام الصالح له، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله )لما يحييكم( وكذلك قوله ﷺ يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، كما بدأنا أول خلق نعيده إنما هو تشبيه الخلق الثاني بالخلق الأول لدفع استبعاد البعث، كقوله تعالى )أفعيينا بالخلق الأول، بل هم في لبس من خلق جديد(، وقوله )وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه(، فذلك مورد التشبيه، غير أن التشبيه لما كان صالحا للحمل على تمام المشابهة أعلمنا النبي ﷺ أن ذلك مراد منه، بأن يكون التشبيه بالخلق الأول شاملا للتجرد من الثياب والنعال.