وكذلك قوله تعالى )إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم( فقد قال النبي ﷺ لعمر بن الخطاب لما قال له: لا تصل على عبد الله ابن أبى بن سلول فأنه منافق وقد نهاك الله عن أن تستغفر للمنافقين، فقال النبي خيرني ربي وسأزيد على السبعين فحمل قوله تعالى )استغفر لهم أو لا تستغفر لهم( على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسوية، وحمل اسم العدد على دلالته الصريحة دون كونه كناية عن الكثرة كما هو قرينه السياق لما كان الأمر واسم العدد صالحين لما حملهما عليه فكان الحمل تأويلا ناشئا عن الاحتياط. ومن هذا قول النبي لأم كلثوم بنت عقبة بن معيط حين جاءت مسلمة مهاجرة إلى المدينة وأبت أن ترجع إلى المشركين فقرأ النبي قوله تعالى )يخرج الحي من الميت( فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه، وما أرى سجود النبي ﷺ في مواضع سجود التلاوة من القرآن إلا راجعا إلى هذا الأصل فإن كان فهما منه رجع إلى ما شرحنا تأصيله، وإن كان وحيا كان أقوى حجة في إرادة الله من ألفاظ كتابة ما تحتمله ألفاظه مما لا ينافى أغراضه.