صفحة : ٣١
فأما الذين اعتبروا الحديث منسوخا وهو رأي جماعة منهم أبو بكر الباقلائي وابن عبد البر وأبو بكر بن العربي والطبري والطحاوي، وينسب إلى ابن عيينة وابن وهب قالوا كان ذلك رخصة في صدر الإسلام أباح الله للعرب أن يقرأوا القرآن بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها، ثم نسخ ذلك بحمل الناس على لغة قريش لأنها التي بها نزل القرآن وزال العذر لكثرة الحفظ وتيسير الكتابة، وقال ابن العربي دامت الرخصة مدة حياة النبي عليه السلام، وظاهر كلامه أن ذلك نسخ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإما نسخ بإجماع الصحابة أو بوصاية من النبي صلى الله عليه وسلم، واستدلوا على ذلك بقول عمر: إن القرآن نزل بلسان قريش، وبنهيه عبد الله بن مسعود أن يقرأ )فتول عنهم حتى حين( وهي لغة هذيل في )حتى(، وبقول عثمان لكتاب المصاحف فإذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلغة قريش فإنما نزل بلسانهم، يريد أن لسان قريش هو الغالب على القرآن، أو أراد أنه نزل بما نطقوا به من لغتهم وما غلب على لغتهم من لغات القبائل إذ كان عكاظ بأرض قريش وكانت مكة مهبط القبائل كلها.


الصفحة التالية
Icon