وتنتهي أسانيد القراءات العشر إلى ثمانية من الصحابة وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان ابن عفان، وعلي ابن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد ابن ثابت، وأبو موسى الأشعري، فبعضها ينتهي إلى جميع الثمانية وبعضها إلى بعضهم وتفصيل ذلك في علم القرآن.
وأما وجوه الإعراب في القرآن فأكثرها متواتر إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني نحو )ولات حين مناص( بنصب حين ورفعه، ونحو )وزلزلوا حتى يقول الرسول( بنصب )يقول( ورفعه، ألا ترى أن الأمة أجمعت على رفع اسم الجلالة في قوله تعالى )وكلم الله موسى تكليما( وقرأه بعض المعتزلة بنصب اسم الجلالة لئلا يثبتوا لله كلاما، وقرأ بعض الرافضة )وما كنت متخذ المضلين عضدا( بصيغة التثنية، وفسروها بأبي بكر وعمر حاشاهما، وقاتلهم الله.
وأما ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر قوي لأنا لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة، وبهذا نبطل كثيرا مما زيفه الزمخشري من القراءات المتواترة بعلة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية لا سيما ما كان منه في قراءة مشهورة كقراءة عبد الله بن عامر قوله تعالى )وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم( ببناء )زين( للمفعول وبرفع )قتل(، ونصب )أولادهم( وخفض )شركائهم( ولو سلمنا أن ذلك وجه مرجوح، فهو لا يعدو أن يكون من الاختلاف في كيفية النطق التي لا تناكد التواتر كما قدمناه آنفا على ما في اختلاف الإعرابين من إفادة معنى غير الذي يفيده الآخر، لأن لإضافة المصدر إلى المفعول خصائص غير التي لإضافته إلى فاعله، ولأن لبناء الفعل للمجهول نكتا غير التي لبنائه للفاعل، على أن أبا علي الفارسي ألف كتابا سماه الحجة احتج فيه للقراءات المأثورة احتجاجا من جانب العربية.


الصفحة التالية
Icon