أنزل الله ـ سبحانه ـ القرآن والعرب ـ بل والعالم كله ـ في أشد الحاجة إليه، فأتاهم بالعقيدة الحقة بعد أن كانوا منها في أمر مريج، والشريعة الصحيحة بعدما تفرقت بهم الطرق، وتقطعت بينهم الأسباب، وأتاهم بالنظم الصالحة لبناء أمة قادرة على أن تسهم في بعث العالم ونهضته ووحدته، والأخلاق الفاضلة بعد أن سادت في المجتمع الجاهلي – بل في المجتمع الإنساني بصفة عامة – الرذائل والمنكرات: من ضلال في العقيدة، وفوضى في التشريع، وفساد في الأخلاق، فأحدث في العالم تحولاً وتجديدًا لم يشهد لهما التاريخ مثيلاً من قبل، تحولاً في التفكير، تحولاً في الأخلاق، وتجديدًا في الحضارة والمدنية، تحول إصلاحي شامل لكل مرافق الحياة الإنسانية، في كل بقعة من بقاع الأرض التي استظلت بظل الإسلام، كما قدم للإنسانية نموذجاً رائعاً للإنسان المتكامل في عقيدته وسلوكه وأخلاقه، فأقبل عليه الناس من جميع البقاع ومن كل الأجناس، وربط القرآن بينهم برباط العقيدة، وألف بين قلوبهم حتى أصبحوا بنعمة الله إخوانا متحابين، وكانوا بذلك خير أمة أخرجت للناس، قادت العالم وعلمت البشرية قروناً طويلة.
ولا يكون المسلم مسلماً حقاً إلا إذا آمن بذلك كله، آمن بأنه على خير دين، وأنه أوتي خير كتاب إلهي، وأن أمته خير أمة أخرجت للناس، وأن حضارته صلحت بها الإنسانية قروناً طويلة، ولا تزال صالحة لقيادة العالم إلى يومنا هذا، وهو الكتاب الوحيد الذي يستطيع أن ينقذ العالم من الحيرة والضلال، والتخبط والاضطراب.