ولن يعود للمسلمين عزهم ومجدهم إلا إذا عادوا من جديد إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، عند ذلك - فقط - يتحقق لهم ما ينشدونه من التقدم والحضارة، والرقي والأمن والسلام، ومن هنا كانت الحاجة ماسة إلى القرآن، ففيه وحده الشفاء من كل الأدواء التي تعاني منها الإنسانية اليوم(١)١).
وتعلم القرآن الكريم من أجلّ القربات، وأفضل الطاعات، وأهم المهمات، وحَمَلَةُ القرآن هم أرفع الناس قدراً، وأشرفهم علماً، وأقومهم طريقاً.
وقد حث رسول الله - ﷺ - أمته على حفظ القرآن الكريم، ومدارسته وتعلمه وتعليمه، وبيّن فضل أهله وحملته، والأحاديث في هذا الباب معلومة مشهورة.
وقد عني المسلمون بكتاب ربهم عناية فائقة، تميزوا بها على من سبقهم من الأمم؛ حيث تنافسوا في قراءته وحفظه، وتسابقوا إلى دراسته، والعمل به.
وقد ظل هذا الكتاب الكريم على مرّ القرون منذ نزوله إلى يومنا هذا محفوظاً في الصدور، كما هو مكتوب في المصاحف، يأخذه اللاحق عن السابق؛ فالحمد لله على منته وفضله.
والله ـ سبحانه وتعالى ـ لفت النظر لأهمية تعليم القرآن وتعلمه فقال سبحانه: " الرَّحْمَنُ* عَلَّمَ القُرْآنَ *خَلَقَ الإِنسَانَ *عَلَّمَهُ البَيَانَ"[الرحمن١-٤]
قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: يقول تعالى ذكره الرحمن أيها الناس برحمته إياكم علمكم القرآن فأنعم بذلك عليكم إذ بصركم به ما فيه رضا ربكم وعرفكم ما فيه سخطه لتطيعوه باتباعكم ما يرضيه عنكم وعملكم بما أمركم به وبتجنبكم ما يسخطه عليكم فتستوجبوا بذلك جزيل ثوابه وتنجوا من أليم عقابه.(٢)٢)
(٢) تفسير الطبري ٢٧/١١٤ جامع البيان عن تأويل أي القرآن – لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ت٣١٠ هـ دار الفكر- بيروت ١٤٠٥ه