ولنا أن نتساءل: لماذا قدَّم الله ـ سبحانه ـ تعليم القرآن على خلق الإنسان، مع أن المشهود أن الإنسان يُخلق أولاً؟ أليست هذه إشارة إلى أن الإنسان لا يكون إنساناً حقيقياً إلا إذا تعلَّم القرآن؟: "إن السلوك السوي للفرد لا يمكن أن يغرس وينمو في شخص لم يخالط عقله وقلبه القرآن الكريم، ذلك لأن القرآن يجمع عليه أمره في الاعتقاد، ويرسخ فيه ملكة الرقابة الذاتية في السلوك، وفي ذلك يقول البيضاوي عند تفسيره لهذه الآية: لما كانت السورة مقصورة على تعداد النعم الدنيوية والأخروية صدرها ب الرحمن وقدم ما هو أصل النعم الدينية وأجلها وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه فإنه أساس الدين ومنشأ الشرع وأعظم الوعي وأعز الكتب إذ هو بإعجازه واشتماله على خلاصتها مصدق لنفسه ومصداق لها ثم اتبعه قوله خلق الإنسان علمه البيان إيماء بأن خلق البشر وما يميز به عن سائر الحيوان من البيان وهو التعبير عما في الضمير وإفهام الغير لما أدركه لتلقي الوحي وتعرف الحق وتعلم الشرع.(١)١)
ومن هنا فتعلم القرآن خير ما يتعلمه المسلم، قال ـ ﷺ ـ: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).(٢)٢)
ومن تعلم القرآن ثم علمه لغيره، فهو خير الناس. فهو قد جمع بين تكميل نفسه بتعلم القرآن، وتكميل غيره بتعليمه القرآن. هذا ومن لازم تعلم القرآن وتعليمه للغير. حفظه وفهمه والعمل به. فمن حفظه وفهمه ولم يعمل به فهو حجة عليه.
(٢) رواه البخاري في صحيحه: كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، برقم ٥٠٢٧-٥٠٢٨، صحيح البخاري. لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. ط/دار المعرفة/ بيروت/ لبنان