وتتأكد حاجتنا إلى القرآن الكريم حينما ندرك يقينًا أن القرآن له دور كبير في علاج أمراض القلوب، وعلى رأسها مرض العجب، وما يحدثه هذا المرض في نفس الإنسان من تعاظم واستعظام على الآخرين، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ" [يونس٥٧].
ويعرفنا القرآن كذلك بطبيعة النفس وبأنها أمارة بالسوء... لديها قابليه للفجور والطغيان، تحب الاستئثار بكل خير.. لا تنظر للعواقب..
وعليه فضروري أن يعود المسلم إلى القيمة الحقيقية للقرآن، والتي أنزله الله من أجلها كأداة ووسيلة ربانية للهداية والشفاء والتقويم والتغيير، قال تعالى: "إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" [الإسراء ٩]
هذا هو دور القرآن الحقيقي، وما قراءته أو حفظه إلا وسائل لتيسير الانتفاع بمعجزته، ومعنى ذلك أنه ينبغي على جيلنا الحالي إذا كان يريد نصرًا وتمكينًا أن يقبل على القرآن بكيانه، وأن يفرغ له أكبر وقت لديه، وينشغل به، ويجعله مصدره الأول للتلقي، ومما يعينه على ذلك أن يخصص له وقتًا كل يوم، وأن يقرأه في مكان هادئ بعيدا عن الضوضاء لتحسن استفادته منه، والتعبير عن مشاعره تجاه الآيات بالبكاء والدعاء، وعليه كذلك أن يهيئ قلبه وفكره للتلاوة بتذكر الموت والآخرة، فقد قال تعالى: "نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ"[ق٤٥] (١)١)

(١) الجيل الموعود بالنصر والتمكين، ص١٥٣ تأليف: د. مجدي الهلالي، ط/ دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، الطبعة الأولى ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م


الصفحة التالية
Icon