وقد أدرك سلف الأمة هذا الدور للقرآن والحاجة إليه، فكانوا يتعاهدون القرآن الكريم علماً وتعلّماً وتعليماً، وكانت لهم في ذلك عناية ورعاية خاصة، ومما يدل على ذلك ما ورد عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه، وإن أدب الله تبارك وتعالى القرآن...
وعن الأعمش قال: مر أعرابي بعبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وهو يقرئ قوماً القرآن، أو قال: وعنده قوم يتعلمون القرآن، فقال: ما يصنع هؤلاء ؟ فقال ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد ـ ﷺ ـ...
وورد أيضًا عن عمرو بن قيس السكوتي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص
- رضي الله عنهما - يقول: عليكم بالقرآن، فتعلموه وعلموه أبناءكم، فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون وكفى به واعظاً لمن عقل.(١)٢)
كذلك من حث الصحابة على تعلَّم من بعدهم للقرآن وتعليمه لازدياد الأجر والمثوبة والهداية.
قول كعب: عليكم بالقرآن، فإنه فهم العقل ونور الحكمة، وينابيع العلم، وأحدث الكتب بالرحمن عهداً، وقال في التوراة: يا محمد، إني منزل عليك توراة حديثة، تفتح بها أعيناً عمياً، وآذاناً صُماً، وقلوباً غُلفاً...
وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن هذا القرآن كان لكم أجراً، وكائن لكم ذكراً، وكائن بكم نوراً، وكائن عليكم وزراً، اتبعوا هذا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن، فإنه من يتبع القرآن يهبط في رياض الجنة، ومن اتبعه القرآن يزُج في قفاه، فيقذفه في جهنم).(٢)
حفظ القرآن من خصائص هذه الأمة

(١) فضائل القرآن ومعالمه وآدابه، لأبي عبيد القاسم بن سلام ١/٢٤١، ٢٤٣دراسة وتحقيق أحمد بن عبد الواحد الخياطي، ط/ مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، ط/ ١٤١٥ه‍
(٢) سنن الدارمي ٢/٨٩١، ٨٩٢ للإمام أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحقيق وتعليق د. مصطفى البغا، ط/ دار القلم، دمشق، ط/ ثالثة ١٤١٧ه‍


الصفحة التالية
Icon