ولا يزال حفظ القرآن شعارا لهذه الأمة، وشوكة في حلوق أعدائها، تقول المستشرقة لورا فاغليري:(إننا اليوم نجد على الرغم من انحسار موجه الإيمان آلافًا من الناس القادرين على ترديده عن ظهر قلب، وفي مصر وحدها عدد من الحفاظ أكثر من عدد القادرين على تلاوة الأناجيل عن ظهر قلب في أوربا كلها).
ويعترف أحد من حرموا نور القرآن بهذه الميزة والخاصية؛ إذ يقول جيمس منشيز:(لعل القرآن هو أكثر الكتب التي تقرأ في العالم وهو بكل تأكيد أيسرها حفظًا).(١)٤)
المبحث الثاني
كيفية العودة إلى القرآن
مادامت حاجتنا إلى القرآن ملحة لهذه الدرجة، ومادام تعلمه له هذه الأهمية، ومادمنا قد وصلنا في هذا العصر إلى هذه الدرجة من هجرنا لروح القرآن وتدبره والانتفاع به ـ إلا من رحم ربي ـ فيرد السؤال: كيف نعود إلى القرآن، وكيف ننتفع به؟
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نعلم يقينًا أن القرآن هو حبل الله الذي أنزله من السماء ليخلصنا مما نحن فيه، وأنه مشروع النهضة للأمة جمعاء، ومن هنا علينا أولا بالاعتصام بهذا الحبل والإقبال عليه، إقبال الظمآن على الماء بل أشد، وأن نعطيه أفضل وأكثر أوقاتنا، فالحل ـ يقينًا ـ للخروج من المأزق الذي نعيش فيه يبدأ بالتمسك بهذا الكتاب، فإذا ما تم لنا ذلك ـ وهو يسير لكل من أراده بصدق ـ فعلينا ثانيا أن ندعو الناس إليه، ونبث فيهم روحه، وننتشل من نستطيع انتشاله من جاذبية الأرض والطين لنربطه بحبل القرآن، وأن نستمر على ذلك حتى موعود الله سبحانه.
لأن المتأمل في القرآن يجد أنه يعيد تشكيل العقل من جديد، ويصوب كل فكرة خاطئة لديه، ويبني فيه اليقين الصحيح لكل الأفكار والمعتقدات.