ندرك ذلك تمامًا حين ندقق النظر في العديد من الوسائل التي يستخدمها في ترسيخ المفاهيم الصحيحة في اللاشعور، ومن أهم هذه الوسائل: الاقناع و تكرار الموضوعات
أما الاقتناع: فيه يبرز احترام القرآن للعقل ودوام مخاطبته وإقناعه بأهمية الفكرة المطروحة.
والقارئ المتدبر للقرآن يجد المولى ـ سبحانه وتعالى- وهو الكبير المتعال- يخاطب عقولنا ويبين لنا الكثير من الأمور التي من شأنها أن تقنعنا بما يريده منا، بل أنه ـ سبحانه وتعالى ـ يدعونا في كتابه إلى استخدام عقولنا والتفكير في كلامه، كقوله تعالى: "أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ"[البقرة٢٦٦]، لنقتنع بما يحمله هذا الكلام من معان وأفكار، فينتقل ذلك كله إلى اللاشعور، ويترسخ فيه، لينطلق بعد ذلك السلوك المعبر عنها بصورة تلقائية.
"وأما تكرار الموضوعات: فالمتتبع للموضوعات المطروحة فيه يجدها متكررة ومتشابهة، كما قال تعالى: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ"[الزمر٢٣].
وقال "وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً"[الفرقان٥٠].
وصرفنا أي كررناه بأساليب مختلفة..
ومن فوائد التكرار كذلك إنه يجعل القارئ في حالة دائمة من التذكر واليقظة.