" ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذا الناسُ نائمون، وبنهاره إذا الناسُ مُفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناسُ يختالون، وبحزنه إذا الناسُ يفرحون، وببكائه إذا الناسُ يضحكون، وبصمته إذا الناسُ يخوضون"
ومع هذه الأمور، ينبغي أن تكون القراءة بهدوء وترسل وترتيل، وكذلك بتركيز، وأن يجعل المعنى الإجمالي للآية هو المقصود، ولا يتوقف بتعسف عند تفسير كل كلمة، بل ينبغي عليه أن يسمح لآيات القرآن أن تنساب داخلة ويتصاعد تأثيرها شيئًا فشيئًا، حتى تسيطر على المشاعر وتوجهها لله ـ عز وجل ـ، وهذا هو المقصد الأسمى من القراءة والتعلم، فالتدبر المجرد لا يكفي، بل لابد من التأثر الذي من خلاله يزداد الإيمان وتتولد الطاقة ويحدث التغيير والتقويم، وعندما يجد أحدنا قلبه ينفعل ويتحرك مع آية من الآيات فعليه أن يرددها مرات ومرات؛ لأنه كلما فعل ذلك ازداد الإيمان في قلبه.. هذا الترديد لا يوجد له حد أقصى، فطالما وجد التجاوب استمر تردده، فإذا توقف التجاوب انتقل إلى ما بعدها من آيات.(١)٣)
المبحث الثالث
تدبر القرآن وأهميته
معنى التدبر وحقيقته
إن تدبر القرآن هو أرفع صور تلاوته وترتيله التي جاءت نصوص القرآن والسنة ببيان فضلها وثوابها، والتدبر هو الذي يساعد قارئ القرآن على النهم من خيراته وفضائله.
التدبر لغة: دبر الأمر و تدبره نظر في عاقبته و استدبره رأى في عاقبته ما لم ير في صدره وعرف الأمر تدبرا أي بآخره... و التدبير في الأمر أن تنظر إلى ما تؤول إليه عاقبته، والتدبر: التفكر فيه،... ويقال إن فلانا لو استقبل من أمره ما استدبره لهدي لوجهة أمره أي لو علم في بدء أمره ما علمه في آخره لاسترشد لأمره... و التدبير أن يتدبر الرجل أمره، ويدبره أي ينظر في عواقبه.(٢)١)
(٢) لسان العرب لابن منظور الإفريقي، مادة: (دبر)٤/٢٧٣