٣- والتدبر يعني الاهتمام ثم التطبيق والممارسة، وهي النقطة الأهم في حياة الأمة، فإذا تدبرنا القرآن نقلناه إلى حقول الممارسة وميادين السلوك
٤- ومن أهمية التدبر أنه سبب في تغيير حياة كثير من الناس، فقيمة القرآن الحقيقية في قدرته على التغيير، وهذا بلا شك يستدعى فهم معانيه والتأثر بها والعمل بمقتضاها.. وفي مقدمة من غير القرآن حياتهم صحابة رسول الله، الذين كانوا يسمعون القرآن فيقولون والله إنه ليس بقول البشر، وما هي إلا لحظات تفكر وتدبر قليلة حتى يدخل ذلك الرجل في الإسلام دون تردد، وحينما كانوا يقرؤونه للتلاوة أو في صلاتهم كانوا يقفون عند آياته وقوفًا طويلاً لطلب الهداية علمًا وعملاً، يقول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : لا يغرركم من قرأ القرآن إنما هو كلام نتكلم به، ولكن انظروا من يعمل به.(١)١)
وإن أردت مثالا لطريقة الصحابة في قراءة القرآن فإليك هذا الأثر : عن أبي ذئب ـ رحمه الله ـ عن صالح قال : كنت جارا لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وكان يتهجد من الليل فيقرأ الآية ثم يسكت قدر ما حدثتك، وذاك طويل، ثم يقرأ، قلت : لأي شئ فعل ذلك ؟ قال : من أجل التأويل يفكر فيه.(٢)٢)
ويقول عباد بن حمزة : دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ: " فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ " [الطور٢٧] فوقفت عندها تعيدها وتدعو، فطال على ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي وهي تعيدها وتدعوه.(٣)٣)
كيف نتدبر القرآن العظيم
(٢) مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي ص١٤٩، ط: مؤسسة الرسالة، ط/ ثانية١٤١٤هـ
(٣) مختصر قيام الليل ص١٤٩