فتدبر القرآن شفاء من الشبهات والشهوات، وهو من أعظم وسائل الثبات، فيه تطمئن القلوب وتسكن، وبه تقر الأعين، وقد جمع ابن القيم رحمه الله ثمرات تدبر القرآن اليانعة فقال :"فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العالمين، ومقامات العارفين، وهو الذي يورث : المحبة والشوق، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل والرضا، والتفويض والشكر، والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يجزي عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه. فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبير لاشتغلوا بها عن كل ما سواها. فإذا قرأه بتفكير حتى إذا مر بأية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه، كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة، فقراءة آية بتفكير وتفهم خيرا من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، فقراءة القرآن بالتفكير هي أصل صلاح القلب.(١)٢)
٢- صلاح العمل: فإن الجوارح للقلب تبع، فإذا خشع القلب للحق، وشفى من الأمراض والأسقام بتدبر القرآن، انساقت لأوامره الجوارح، وظهر ذلك صلاحا في العمل، كما قال ـ ﷺ ـ (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).(٢)٣)
(٢) صحح البخاري كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم ٥٢، وصحيح مسلم كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم ٤٠٧٠