ويقول ابن القيم رحمه الله: ليس شيء أنفع في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه، وجميع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنيانه، وتقعد أركانه، وتربة صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وترية أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله، وتعطيه فرقانا ونورا يفرق به بين الهدى والضلال، والغنى والرشاد، وتعطيه قوه في قلبه، وحياته وسعادة وانشراحا وبهجة وسرور، فيصير في شأن والناس في شأن آخر.
كما يقول رحمه الله ـ أيضا في نفس الموضع ـ: فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل: وهو القلب الحي، ووجد الشرط: وهو الإصغاء، وانتفى المانع: وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر؛حصل الأثر: وهو الانتفاع والتذكر.(١)٤)
الفصل الثالث
الآثار الإيمانية على الفرد والمجتمع المسلم من تعليم وتعلم القرآن الكريم.
توطئة
القرآن الكريم فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً، فالاشتغال بالقرآن من أفضل العبادات، ومن أعظم القربات، ولم لا، وفي كل حرف منه عشر حسنات، وسواء أكان بتلاوته أم بتدبر معانيه.

(١) انظر الفوائد ص١٢٣، لابن القيم الجوزية، ط/ دار النفائس، بيروت، ط: سابعة١٤٠٦هـ


الصفحة التالية
Icon