فالمعلم والمتعلم حينما يعيش كل منهما في كنف القرآن، ويقدر مجلسه، لأنه يدرك تمامًا أن هذا المجلس أرفع مقامًا من أي مجلس دنيوي، وأعلى ذكرًا من تلك المجالس الدنيوية، ولذا جعل الله لهذا المجلس ما جعل من الفضائل والمزايا، التي حين يستشعرها صاحبها تطمئن نفسه ويهدأ فكره، فيكثر من ذكره لربه ويكثر من فعل الطاعات، ويتقرب بالنوافل، فيرسخ يقينه ويزداد إيمانه، فعن أبِى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )(١)١)
وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطَنَيْن، فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال: (تلك السكينة تنزلت للقرآن).(٢)٢)
قال النووي: قد قيل في معنى السكينة هنا أشياء، والمختار منها: أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة، ومعه الملائكة، وفي الحديث فضيلة القراءة وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة، وفيه فضيلة استماع القرآن"(٣)٣)
أقول: ولابد أن ذلك كله سوف ينعكس على نفس المعلم والمتعلم، ويجعله يقبل على عبادة الله بخشوع وخضوع.
سابعًا: القرآن شفاء ورحمة لصاحبه
ومن الآثار التي تعود على العالم والمتعلم أن القرآن شفاء للأبدان والصدور، ففيه الشفاء الحسي والمعنوي.
(٢) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، فضل الكهف برقم٥٠١١، ومسلم: صلاة المسافرين برقم٧٩٥.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٦/٨٢