قال تعالى: "وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّاالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا" [الإسراء٨٢].
قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره: وننزل عليك يا محمد من القرآن ما هو شفاء يستشفى به من الجهل من الضلالة، ويبصر به من العمى للمؤمنين ورحمة لهم دون الكافرين به؛ لأن المؤمنين يعملون بما فيه من فرائض الله، ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه فيدخلهم بذلك الجنة، وينجيهم من عذابه فهو لهم رحمة ونعمة من الله أنعم بها عليهم "وَلاَ يَزِيدُ الظَّاالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا" يقول: ولا يزيد هذا الذي ننزل عليك من القرآن الكافرين به إلا خساراً، يقول: إهلاكاً؛ لأنهم كلما نزل فيه أمر من الله بشيء أو نهي عن شيء كفروا به، فلم يأتمروا لأمره، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه فزادهم ذلك خساراً إلى ما كانوا فيه قبل ذلك من الخسار رجساً إلى رجسهم قبل".(١)١)
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية:
يقول تعالى مخبراً عن كتابه.. إنه شفاء ورحمة للمؤمنين أي : يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل، فالقرآن يشفي من ذلك كله، وهو أيضاً رحمة يحصل فيها الإيمان، والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به، وصدقه، واتبعه، فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة، وأما الكافر الظالم نفسه بذلك فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعداً وكفراً، والآفة من الكافر لا من القرآن.(٢)٢)
وقال عز وجل: "ياأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ وَشِفَاء لِمَا في الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ" [يونس: ٥٧، ٥٨].
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/٥٩