قال ابن كثير: يقول تعالى ممتناً على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم: "ياأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ" أي زاجراً عن الفواحش"وَشِفَاء لِمَا في الصُّدُورِ" أي من الشبه والشكوك، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس "وَهُدًى وَرَحْمَةٌ" أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه وقوله تعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ" أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا، فإنه أولى ما يفرحون به "هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ" أي من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة.(١)٣)
كما جاء في تفسير هذه الآية: يلفت الله تعالى أنظار الناس إلى أنه : قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكركم عقاب الله وتخوفكم وعيده، وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم، وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض، ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك، جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين، وخصهم بذلك؛ لأنهم المنتفعون بالإيمان، وأما الكافرون فهو عليهم عمى.(٢)٤)
(٢) التفسير الميسر ص٢١٥. إعداد نخبة من العلماء، بإشراف د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، إصدار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية عام ١٤١٩ه.