ومن هنا يعكف صالحو المؤمنين على كثرة تلاوة القرآن، ويتنافسون في ذلك طلبًا لثواب تلاوته.
قال ـ ﷺ ـ مشيرًا إلى هذا التنافس في تلاوة القرآن: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)(١)٣)
والحسد هنا مراد به التنافس في فعل الخير، وتمنى فعل ذلك من كثرة التلاوة، وكثرة النفقة في سبيل الله.
وجعل رسول الله ـ ﷺ ـ الذي لا ينطق عن الهوى، جعل تعلم آية من كتاب الله خيرًا من تملك ناقة ـ وهي أنثى الإبل ـ، وكانت النوق آنذاك أفضل مال العرب، وجعل من تعلم آيتين خيرًا له من امتلاك ناقتين.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ﷺ ونحن في الصفة فقال: (أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كَوْماويْن(٢)٤). في غير إثم ولا قطع رحم)؟ فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال: (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل؟)(٣)٥)
(٢) لكَوْماء من الإبل: مشرفة السنام عاليته (النهاية في غريب الحديث ٤/٢١١)
(٣) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه، برقم ١٨٧٠، ومسند أحمد كتاب حديث عقبه بن عامر الجهني، وباب حديث عقبه بن عامر الجهني، برقم ١٦٩٥٥، وبطحان والعقيق اسمان لمكانين معروفين بجوار المدينة، ومعنى كوماوين: أي عظيمتين سمينتين