قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في هذا الحديث: السفرة، جمع سافر ككاتب، وكتبة، والسافر: الرسول، والسفرة : الرسل، لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله وقيل السفرة الكتبة، والبررة المطيعون من البر وهو الطاعة، والماهر : الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه وإتقانه... ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم، وسالك مسلكهم، وأما الذي يتتعتع فيه فهو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه فله أجران، أجر بالقراءة وأجر بتتعتعه في تلاوته ومشقته.... ولم يذكر هذه المنزلة لغيره وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه، وكثرة تلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه والله أعلم. (١)٦)
المبحث الثاني
من الآثار الإيمانية على المجتمع المسلم والأمة المسلمة
إن القرآن الكريم له أثر عظيم على المجتمع المسلم المشتغل به، وبالتالي ينسحب هذا الأثر على الأمة المسلمة، فهو طريق توصل إلى استقامتها، ذلك لأن هذا المجتمع الذي يعيش بالقرآن دومًا حينما يستقيم أفراده لابد أن تستقيم بهم الأمة؛ لأنه باستقامة الأفراد تستقيم الأمة، لأن الأمة ماهي إلا أفراد، فالفرد أساسها ولبنتها، فإذا صلحت اللبنة صلح كل ما تؤلفه.
وكثير من الخطابات القرآنية جاءت تخاطب الأمة جميعها، بل وهناك خطابات للناس أجمعين، ومن هذه الخطابات: "يأيها الذين آمنوا"، وقوله: "يا أيها الناس"، وما من شك في أن كل خطاب من هذه الخطابات معني به الأفراد كل فرد على وجه الخصوص، ومعني به الأمة جميعها على وجه العموم.

(١) شرح النووي على صحيح مسلم للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، ٦/٨٤-٨٥. ط/ دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط/ ثانية١٣٩٢ه‍.


الصفحة التالية
Icon