وبناءً على ذلك فكل أثر من الآثار الإيمانية التي ذكرنا أنها تعود على الفرد المسلم، فهي آثار إيمانية تعود ـ أيضًا ـ على الأمة المسلمة، فإذا أردنا أن نقوم الأمة تقويمًا إيمانيًا ـ من خلال القرآن الكريم ـ فلا بد أن نقوم أنفسنا كأفراد أولاً لأن الأمة ما هي إلا أفراد، فإذا سعى كل منا إلى تقويم نفسه واستشعر هذه المسئولية على عاتقه، فسيمتد الأثر بالطبع إلى من حوله، وقد أصاب عين الحقيقة من قال: إن الإصلاح يبدأ من الفرد نفسه، ثم يأخذ بيد من هم بجواره الأقرب، لأن الإنسان حينما يعرض على ربه للحساب سيسأل عن نفسه أولاً ثم عمن يعولهم فتتبع الدائرة عليه، والتي مركزها هي النفس حتى تشمل الأمة بأسرها.(١)١)
وكما أن المشتغل بالقرآن تعليمًا وتعلمًا يسيطر القرآن على مشاعره، ويحدث التغيير في قلبه، فكذلك الأمة التي تنشغل بالقرآن لابد وأن القرآن سيسيطر على اتجاهاتها، ويحدث التغيير فيها بأسرها، وكما أن القرآن يعرف العبد بربه ويربط به سبحانه، ويكون باعثًا له على خشية الله والفزع إلى ذكره، فكذلك في الأمة يربطها بربها، ويكون باعثًا لها على الفزع إلى طريق الله في كل أمورها ومعاملاتها، ونستطيع أن نفصل الكلام في ذلك بعض الشيء فنقول:
* الاشتغال بالقرآن والتدبر في آياته تعليمًا وتعلمًا يزيد الأمة إيمانًا وتصديقًا، وهذا يكون سببًا في تقدمها وازدهارها، وفي ذلك يقول الله تعالى: "إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "[الأنفال٢]

(١) الطاعة وأثرها في القرآن الكريم، للدكتور: شعبان رمضان مقلد (بحث منشور بحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية، جامعة الأزهر بالقاهرة، عدد٢٣ج٢ص٦٣٦ )


الصفحة التالية
Icon