واليوم يتنبَّأ علماء الفلك بموعد حدوث كسوف الشمس أو القمر بدقة تامَّة، وهذا لا يُعدُّ أمراً محرّماً. نعم الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكن هنالك أشياء يمكن معرفتها بواسطة الحسابات، مثل الثقوب السوداء التي لا يمكن رؤيتها مطلقاً، ولكن يمكن حساب وتحديد بُعْدها عنا، ومقدار جاذبيتها، وسرعةحركتها بواسطة لغة الأرقام.
إذن المشكلة ليست في لغة الأرقام، بل في استعمال هذه اللغة بشكل علمي صحيح، فإذا جاء من يدّعي أنه استخرج من القرآن تاريخاً معيّناً أو حدثاً مستقبلياً، فإن عليه أن يأتي بالبرهان العلمي اليقيني الذي لا يعارضُه أحد فيه.
ومن الأفضل تجنب الحديث بغير علم وبرهان عن الغيب، وأن نتذكر قوله تعالى : ؟وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ؟ [الأنعام : ٦/٥٩].
لذلك ودرءاً للتأويلات البعيدة عن المنطق العلمي، نحاول من خلال الفقرة الآتية وضع ضوابط خاصة بأبحاث الإعجاز الرقمي، مع التذكير بأن هذه الضوابط ليست كل شيء بل باب الاجتهاد مفتوح أمام الباحثين والعلماء لتطوير هذا البحث وإغنائه. وبما أن معجزة القرآن متجددة كذلك الضوابط الخاصة بهذه المعجزة متجدّدة حسب المكان والزمان.
ضوابط الإعجاز الرقمي
يتألف البحث العلمي من ثلاثة عناصر، وهي المعطيات والمنهج والنتائج. فالمعطيات هي الأساس الذي يقوم عليه البحث القرآني، فإذا كانت هذه المعطيات صحيحة وكان المنهج المتبع في التعامل معها صحيحاً فلابدّ عندها أن تكون النتائج التي سيقدمها البحث صحيحة أيضاً.
أما إذا كانت المعطيات غير دقيقة أو غير صحيحة وكان المنهج المتبع في التعامل معها أيضاً متناقضاً ولا يقوم على أساس علمي، فإن النتائج بلا شكّ ستكون ضعيفة وغير مقنعة، وربما تكون خاطئة.
وحتى يكون البحث مقبولاً ويطمئن القلب إليه، يجب أن يوافق العلم والشرع، أي يجب أن يحقق الضوابط التالية لكل عنصر من عناصره :


الصفحة التالية
Icon