والقرآن الكريم يخالط القلب ويخاطب الوجدان وينادي الفطرة، ويناجي النفس، ويُلامِسُ الحسَّ، هو حديث الروح، وحوارُ العقلِ، وهذا التنوعُ يستوعبُ جميعَ العقول والمدارِك، ويصلُ إلى القلوبِ، ويؤثر في النفوسِ، ويناسب جميع الطبائع.
ومن واجب المفسِّر مراعاة هذا التنوع في الخطاب فلا يغفل عن جانبٍ منه، بل يجعل تفسيره جامعا لكل هذه الأساليب الدعوية القرآنية التي تستوعب جميع المخاطبين : قال تعالى ( ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ (.
قال ابن القيم رحمه الله :" فذكر سبحانه مراتبَ الدعوةِ وجعلَهَا ثلاثَةَ أقسامٍ بِحَسْبِ حالِ المدعُو فإِنَّهُ إما أن يكونَ طالبا للحقِّ راغبًا فيه محبًا له مؤثِرًا له على غيره إذا عَرَفَهُ : فهذا يُدْعَى بالحكمة ولا يحتاجُ إِلى موعظةٍ ولا جدالٍ، وإما أن يكونَ مُعْرِضًا مُشْتَغِلا بِضِدِّ الحقِّ ولكنْ لَوْ عَرَفَهُ عَرَفَهُ وَآَثَرَهُ واتَّبَعَهُ : فهذا يحتاجُ معَ الحِكْمَةِ إِلى الموعظةِ بالترغيبِ والترهيبِ، وإِمَّا أَنْ يكونَ مُعَانِدًا مُعَارِضًا فَهَذَا يُجَادَلُ بالتي هِيَ أحسنُ ". (٤٦)
أقولُ : بل إن الشخصَ الواحدَ يحتاجُ إلى تلك الأساليبِ كلِّها مُجْتَمِعَةً في الدعوةِ والتربيةِ ؛ لأنَّ النفسَ لا تَثْبُتْ على حالةٍ واحدةٍ، فتارةً تَصْلُحُ مَعَهَا الحكمةُ، وتارةً تُجْدِي مَعَهَا الموعظةُ، وتارةً تَتَأَثَّرُ بالمحاورةِ والمناظرةِ.


الصفحة التالية
Icon