هذا : ولعلنا إن شاء الله مقبلون على مرحلة التمكين، وقد ظهرت كثيرٌ من بشائرها، ولهذه المرحلة متطلبات دعوية تتناسب معها، حيث سيصل الخطابُ القرآنيُّ إلى كلِّ بيت على وجهِ الأرض خطاباً يجدُ طريقَهُ إلى القلوب المتعطِّشة والأنفس المتشوِّفة المتشوِّقة إلى روحِ الإيمان وطريق القرآن : روى الإمامُ أحمدُ في مُسْنَدِهِ وغيرُهُ : عن تميمٍ الداريِّ ( قَالَ سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ( : يقولُ :" لَيَبْلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بَلَغَ الليلُ والنهارُ ولا يتركُ اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللهُ هذا الدينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلامِ وَذُلا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الكفرَ " (٤٩).
حادي عشر : التيسير.
تختلف أساليب التعبير من عصرٍ إلى عصر ويتجلى هذا واضحا عند المقارنة بين نتاج الأدباء في عصرين مختلفين كالعصر الجاهلي مثلا والعصر العباسي أو الأدب الأندلسي والأدب في العصر المملوكي، لذا لا بد من مراعاةِ لغةِ العصرِ الذي يعيشُهُ المفسرُ :" فيعبِّرُ المفسرُ بأسلوبِ عصرِهِ فلا يأتي بغريبِ الألفاظِ ولا يتكلَّفُ العبارات ولا يُمْعِنُ في عَوِيصِ المعاني.
لكن هذا لا يعني أن يهبط المفسرُ بأسلوبِهِ إلى مستوى العاميةِ وهي اللهجاتُ الدارجةُ في هذا العصر ؛ وبذلك يعرض عن بلاغة القرآنِ وجمالِ العربية، كما نرى في بعض المتصدِّرين للتفسير سِيَّما في الإذاعات المسموعة والمرئية ممن يهبِطون بأسلوبهم إلى الحضيض، ولكن أعني أن يتخذ مسلكا واضحا ومنهجا ثابتا، فلا يتكلف في تنميق العبارات :" لا يعلُو حديثُهُ عن دَرَكِ العامَّةِ ولا يهبط إلى وَضِيعِ القولِ عند العلماءِ فليحاولْ جُهْدَهُ في التعبيرِ بحيث إذا سمعَهُ غيرُ المتخصصِ أدركَ أبعادَهُ وشدَّهُ أسلوبُهُ، وإذا سمِعَهُ العالمُ شدَّه حسنُ التعبير وطلاوةُ الأسلوبِ " (٥٠)


الصفحة التالية
Icon