وهي مسألة ترجع إلى فنِّ التذوق وحسن التقدير، ومعادلةٌ تعتمد على دقة الموازنة، والله المستعان.
ولا يعني التيسيرُ في التفسيرِ : الإيجازُ ؛ فكم من تفاسيرَ وجيزةٍ يصعبُ فهمُهَا إلا للمتخصِّصِ مثلَ :" أنوار التنزيل وأسرار التأويل " للبيضاوي و"تفسير الجلالين " لجلال الدين المحلي والسيوطي، ولهما كثيرٌ من الحواشي.
ثاني عشر : الأصالة والتجديد
الأصالةُ في التفسير : هي الركيزةُ الأساسيةُ والدُّعَامَةُ التأسيسية لهذا البناءِ، وهي الجذورُ الممتدَّةُ العميقةُ لتلك الشجرةِ الوارفةِ الوريقة (٥١)، المتجددةُ العطاءُ، المتشعبةُ الأفنانُ المتعددةُ الألوانُ :
أصالةٌ في الأصولِ : وذلك بالرجوعِ إلى المصادرِ الأصيلةِ في التفسير : تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ، فالقرآنُ الكريمُ يفسِّر بعضُهُ بعضًا، وهذا يؤكدُ أهميةَ النظرةِ الكليَّة الشاملة والموضوعية لآيات القرآن، فحين نجمعُ الآياتِ في الموضوعِ الواحدِ تتولَّدُ لدينا كثيرٌ من المعاني والاستنباطاتِ، هذا فضلا عن تفسيرِ القرآنِ بالسنةِ النبوية فهي الشارحة والمبينةُ والمقررة لأحكامه ومعانيه ومقاصده ومراميه وقصصه وأمثاله، ومن المصادر الأصيلة أيضا تفسير القرآن بأقوال الصحابة وقد سبق الإشارة إلى أهمية تفسيرهم وقيمته العلمية، وكذلك الرجوع إلى تفسير التابعين فهم تلامذة الصحابة وحاملو علمهم وفقههم، وقد اجتهدوا بين أيديهم فأقروهم على اجتهادهم.
الأصالة في المنهج : الذي يرتكز على تفسير السلف ولا يتوقف عنده وإنما يجعله منطلقا.
الأصالة في المصادر : بالرجوع إلى كتب التفسير بالمأثور والرأي فلا يمكن أن يفسر القرآن بعيدا عما كتبه المتقدمون من هذا التراث الذاخر الذي أثرى مكتبة التفسير وعلوم القرآن ومن شمولية في المنهج أن يرجع إلى كل ما يتيسرُ له الرجوعُ إليه من كتب التفسير.


الصفحة التالية
Icon