* نعم إن تفسير القرآن الكريم في ضوء العلوم والمعارف الإنسانية شيءٌ طيب، وكذا التبحرُ في لغةِ القرآنِ، والإبحارُ مع وجوهِ قراءاتِهِ، والأنسُ بجمالِ وبلاغةِ عباراتهِ أمرٌ مستحبٌّ ؛ فالقرآنُ معينٌ لا ينضب، ولا يخلق على كثرة الردِّ ولا يشبعُ منهُ البلغاء ولا تنقضي عجائبه، ولكنَّ الأمةَ في حاجةٍ مُلِحَّةٍ إلى تفسيرٍ عمليٍّ واقعيٍّ ينهضُ بها ويُعالجُ مشكلاتِهَا، علماً بأن هذا المُفَسِّرَ لن يستغْنِيَ أبداً عن الرجوعِ إلى اللغةِ والبلاغةِ والقراءاتِ وغيرِهَا من العلومِ ليأخذَ منها بقدرِ ما يُبَيِّنُ معنى أو يستنبطُ فائدةً أو يدفع إشكالاً.
أما التفاسير البلاغية واللغوية والفقهية، فنحن لا نستغني عنها، وعلى كلِّ متخصصٍ أن يُدلي بدلوهِ في خدمة كتاب الله تعالى مع مراعاة مقتضيات العصرِ وحاجاتِ الأمة.
لكنَّ بعضَ التفاسير مع ما عليها من انتقادات ومآخِذَ لا يمكنُ لنا أن نستغنيَ عنها، فهي من المراجع الأساسية لكلِّ باحث في التفسير ولكن لنستفيد منها ونجعلها منطلقا نحو تفسيرٍ واقعي يعايشُ واقع الأمةِ.
سادس عشر : تجنُّب الأخطاء التي وقع فيها بعضُ المفسرين :
* كذلك على المفسِّر أن يُجَنِّبَ تفسيرَه الأقوالَ الشاذةَ، والأخطاءَ والمآخذَ التي أُخِذَتْ على بعض المفسرين القدامى والمحدثين، بسبب عدم تأهل بعضهم لمقام التفسير، فخاضوه دون أن يعرفوا قواعده وأصوله ودون أن يتعمقوا في دراسة لغة القرآن، وينظروا في الصحيح الثابت من أسباب نزوله، ويعرفوا أحوال العرب وعاداتهم قبل في الجاهلية ؛ وذلك لأن القرآن نزل بلغة العرب وعالج شئونهم، وتحدث عن عاداتهم وأعرافهم، وجاء مراعياً لبيئاتهم ومجتمعاتهم " فإذا لم يكن المفسر عارفا بأحوالهم حالة التنزيل، لم يستطع أن يفهم معاني الآيات حقَّ الفهم، ولا أن يدركَ أثر القرآن العظيم في تغيير حياتهم وما كانوا عليه من عادات فاسدة " (٧٠).


الصفحة التالية
Icon