ويهدف هذا البحثُ إلى وضعِ خُطُواتٍ أساسية ينبغي مراعاتها لمن يطرق باب التفسير : وقد جعلته بعنوان : نحو منهج أمثل لتفسير القرآن، واللهَ أسأل أن يكتب له القبولَ فهو تعالى خيرُ مأمول، وأكرمُ مسئول.
وهنا أتركُ القارئِ الكريمِ ليواصل المَسِيرَ في شِعابِ هذا البحثِ.
تمهيد
تأملتُ في كتبِ التفسيرِ : القديمِ مِنْهَا والحديثِ والمعاصرِ، ورجعتُ إلى ما كُتِبَ عَنْ طَرَائِقِهَا وَمَنَاهِجِهِا، كَمَا تدبَّرْتُ في مقاصِدِ القرآنِ ومَعَالِمِه، وَأَجَلْتُ النظرَ في واقِعِنَا المُعَاصِرِ، وما تعانِيهِ أُمَّتُنَا مِنْ أَزَمَاتٍ مُتَلاحِقَةٍ ومَا تُوَاجِهُهُ مِنْ فِتَنٍ مُتَعَاقِبَةٍ، وما تكابِدُهُ من أعداءٍ يمكرون لها ليلَ نهار، وما تُقَاسِيهِ مِنْ فُرْقَةٍ وَشَتَاتٍ وضعفٍ وانهيارٍ، بسبب تفريطِهَا في الانتفاعِ بدستورِها الخالدِ ونِبْرَاسِهَا الراشدِ : كتابِ ربِّ العالمين الذي جاء هدًى وشفاءً، فرأيتُ أنَّ جُزْءًا من المسئوليةِ يقعُ على عاتِقِ كثيرٍ من المفسِّرينَ الذين غَفَلُوا عن واقع الأمة فلم يعيشوا همومها ولم يكابدوا معاناتها، ولم يتَألَّموا لآلامِهَا، ولم يهتموا بأمورها، ولم يتفاعلوا مع قضاياها، ولم يستحضروا في كتاباتهم مقاصدَ القرآنِ ومطالبَ الأمة.
فوضعتُ هذا المنهجَ عسى أن يكونَ نبراسا على هذا الطريقِ : وبين يديكَ أيُّها القارئُ معالمَه ودونكَ مَرَاسِمَهُ : وهي على النحو التالي :
أولا : استشعار خطر هذه المهمة الجليلة.


الصفحة التالية
Icon