ولقد عقد الإمام القرطبي في مقدمة تفسيره فصلا : عما جاء في فضل التفسير عن الصَّحابة والتابعين، وفيه أوردَ : أن عليَّ بن أبي طالب ( :"ذكر جابر بن عبد الله ووصفَه بالعلم، فقال له رجل: جُعلتُ فداءَك! تصف جابرًا بالعلم وأنتَ أنتَ؟! فقال: إِنَّه كان يعرِف تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ( (القصص: ٨٥ (.
وقال مجاهد: أحبّ الخلق إلى الله تعالى، أعلمهم بما أُنزِل، وقال الحسن: والله ما أنزلَ الله آيةً إلا أَحبَّ أن يُعلمَ فيمَ أُنزِلَتْ وما يَعني بها.
وقال الشعبيُّ : رحَلَ مسروقٌ إلى البصرة في تفسيرِ آيةٍ، فقيل له: إن الذي يفسِّرُهَا رحلَ إلى الشام، فتجهَّز ورَحَلَ إلى الشام، حتَّى عَلِمَ تَفْسِيرَهَا.
وقال عكرمةُ في قوله عز وجلَّ: ( ومَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ ورَسُولِهِ( (النساء: ١٠٠). طلبتُ اسم هذا الرَّجُل الذي خرج من بيته مهاجِرًا إلى الله ورسوله أربعَ عشرةَ سنةً حتى وجدتُه.
وقال ابن عباسٍ: مَكَثْتُ سنتينِ أريدُ أن أسألَ عمر عن المرأتَين اللتين تظاهرَتا على رسول الله (، ما يمنعني إلا مهابتُه، فسألتُه فقال: هما حَفْصة وعائشة، وقال إياس بن معاوية : مَثَلُ الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمونَ تفسيرَهُ، كمثَل قومٍ جاءَهُمْ كتابٌ من مَلِكهم ليلاً وليس عندهم مصباحٌ، فتداخلتْهم رَوعةٌ، ولا يَدرُون ما في الكتاب، ومَثَل الذي يعرف التفسيرَ كمَثَلِ رَجُلٍ جاءهم بمصباحٍ فقرؤُوا ما في الكِتاب " (٧)، وروى أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ عن ابنِ مسعودٍ ( قال كنا نتعلمُ من رسول الله ( العشرَ فلا نُجَاوِزُهَا إِلى العَشْرِ الأُخَرِ حتى نعلمَ ما فيهَا مِنَ العلمِ والعملِ. (٨)


الصفحة التالية
Icon