وقبل أن نضع القلم، أحب أن أقول كلمة مختصرة عن هذه الأرجوزة التي خرجت من السجن المحلي بتطوان. فقد اختصر فيها شيخنا فوائد فأفاد، وقواعد فأجاد، (بأسلوب رشيق، ومعنىً أنيق، على وجه منيف، وبيان لطيف) وطريق وجيز، من غير تطويل ممل، ولا اختصار زائد مخل، تسهيلاً على المبتدئين، وعوناً على شحذ الهمة، ودفع الذاكرة إلى الأمام، حتى تكون هذه القواعد محررة ومرتبة ومنسقه وميسورة ومنتشرة بين الطلبة، وأن لا تكون محصورة في أشخاص معدودين تموت بموتهم. فيصدق عليها ما قاله عمر بن عبد العزيز: (فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً) قدمها لنا شيخنا في صورة خواطر وشجون فاضت بها قريحة المسجون من وراء القضبان في عزلة تامة، وحراسة مستمرة، بعيداً عن كتب تفسير القرآن وعلومه، وكتب الحديث ومصطلحه، والفقه وأصوله، والنحو وما أشبه ذلك مما له علاقة بقواعد التفسير. وصدق شيخنا في قوله:

فِي خلوة أنت اسْتَفِد لاَ تحزنَنْ من جَلْوةٍ أَنْت ابتعِد لا تطلبَنْ
وهو القائل في قصيدة من بحر الوافر:
أُكَابِدُ فِي العُلُومِ صبَابَةً فَلَهَا لَدَيَّ محبةٌ وَلَدَيَّ خَالصُها
بناظمة مؤصَّلةٍ قواعِدُها أُبينُ طريقةً وضَحَتْ معالِمُها
على أُسُسِ العلُوم غَدَتْ مُؤسَّسةً مُبَاركةً وَمِنْ ذَهَبٍ سَبائِكُهَا
مُفَسّرَةً لآي إِلَهِنَا طَهُرَتْ مَوارِدهَا مُكَرَّمةً مَصَادِرُهَا
تُعينُ على مُدَارسَةٍ مُصرفها وحفظِ عِبادةٍ وتفيدُ عَارفَهَا
تَباركَ رَبُّنَا وتكاملتْ نِعَمُهْ تقدَّس من أَبانَ لنا منافِعَهَا
فَيا عَضُدِي ويَا سندِي ومُعْتَمَدِي قبُولُك مُنْيتي فَتَوَلَّ مُؤْمِلَهَا
وشيخنا هو القائل في قصيدة من بحر المتقارب بعنوان: (الإِمَارة وَلَو عَلى حِجَارة).
أَخِي قَدْ عَلِمْتَ الْهُدَى وَالسَّدَادَا ***وَمِنْهاجَ رُشْدٍ يُفِيدُ الرَّشَادَا


الصفحة التالية
Icon