ولا زال أهل العلم يتراجعون إلى ما هو أفضل، وللإمام الشافعي مذهبان، وللأشعري ثلاث حالات، ولابن معين وابن حنبل رأيان بل سبعة أقوال في بعض المسائل، وهكذا... ولا أظنني بهذا الاعتراف أمكنت الرامي من صفاء الثغرة، وليس بيننا وبين الحق حجاب. ورحم الله امرأً أهدى لنا عيوبنا، (ومن حذرك كمن بشرك).
فهذا - عزيزي القارئ - جهد المقل أضعه بين يديك من وراء القضبان، من داخل زنزانتي الانفرادية، ومع الحراسة المشددة والمستمرة، فلك غنمه، وعلي غُرمه، وأنت الظافر، وأنا العاثر، فإن وُفِّقت فذلك فضل الله وإحسانه إلي، لا بحولي وقوتي: ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾، وإن كانت الأخرى؛ فأسأله سبحانه أن يتجاوز عني ويستر عيبي وذنبي.
وقد اشتملت هذه المقدمة على مباحث خمسة، والله من وراء القصد.
المبحث الأول: في التعريفات
وبما أن الأشياء تعرف بحقائقها. وأضدادها، وأنواعها، وأمثالها، والخطب فيها جليل، والكلام في جنسها ونوعها عسير، والخوض في لججها ليس بيسير، وراقمه أسير، وضُرب بينه وبين مكتبته بسور، والكاتب بلا كتاب قصير، وصاحب الدعوة حقير، وعند العلماء فقير، ولا سيما في أهم العُلوم، أعني علوم القرآن بفروعه المختلفة، و(التحقيق قليل، وطَرْف التنقيح في الغالب كَليل، والوهم نَسِيبٌ للأخبار وخَليل، والتقليد عريقٌ في الآدميين وسليل). والتعريفات لا بد فيها من العلم والمعرفة حتى يمكن فهمها وأداؤها والقيام بها على الوجه المطلوب شرعاً.
؟ وصف الحملة الشرسة على الإسلام والقرآن:
أما أن تعيد مُعادا، لا شرح، ولا اختصار، ولا إتمام، ولا فتح، ولا استدراك: (فمصيبة لا لَعَا لها). ومعضلة لا أبا الحسن لها. مؤلفات ومقالات لو وزنت بالفحم أو كتبت به كان كثيراً في حقها. مقالات في جرائدنا باسم الإسلام، لا يحسن مثلها الشيطان.
يخط في الرق خطاً *** كأنه خط شيطان


الصفحة التالية
Icon