(لا لها عند الله عدد ولا مقدار). لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء. يطحنون الدقيق، ويجرحون الإسلام باسم التحقيق، صح لهم ما لم يصح لإبليس، اجتمع فيهم من الضلال ما تفرق في غيرهم و(الأحداث) شاهدة، كاتب واحد من كتابها أمة في الجهل والضلال، قطفوا الأزهار من محنة الأخيار، تكاشف في هذه الفتنة الأشرار. وكأن أيمن بن خُريم عناهم بقوله:

إِنَّمَا يُسَعّرهَا جاهِلُهَا حطب النار فَدَعْها تشتعل
أعمى البصر والبصيرة يريد أن يقودنا، إعلام فاسد، وإبليس حاسد، وفكر كاسد.
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان تهديه
أيام حزينة، وحضارة خليعة، وأحكام بلا جريمة، وتُهَمٌ جاهزة بلا بينة، وعدالة معطلة، وأقلام حاقدة، وتبعية خانعة، والعري (أبْكى العيون، وأنكأ القلوب، وَفَتَّ في الأعضاد، وفتت الأكباد) والصالح في البلاد من يقارع الفساد، فساد لو كتب على آماق البصر، لكان عبرة لمن اعتبر. و(من لم يعتبر فقد خسر.. من سلك الجدد أمن العثار. من مأمنه يؤتى الحذر. ويل للسجيّ من الخليّ). أعطوا غباء لا ذكاء. وحتى لو أعطوا ذكاء فـ(لَعَنَ اللهُ الذكاءَ بلا إِيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى).
حُزْنِي عَلى مَا قَدْ جَرَى فَتَّ الْكَبِدَ * وَالْقَلْبُ مِنْ آلامِهِ مُسْتُأْصلاَ
يَا رَبِّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِنْ غُرْبَتِي * يَوْمَ الِلّقَاءِ القَادِمِ أَنْ أُسْأَلاَ
رَبّاهُ ذُو الفَضْلِ الذِي عمَّ الْوَرَى * أَنْزِلْ أَبَا الْفَضْلِ بِخَيْرٍ مِنْزِلاَ
(لا نريد أن نرد النهر إلى مصبّه، والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين)، ولكن بكينا:
حِينَ اعْتَدَى ذِئْبُ إِنْسٍ * وَاسْتَوْطَنَ الثُّعْلَبَانُ
قَدْ عَادَ شَرْعُ الرَّجِيمِ * وَالْحَقُّ أَمْسَى يُدَانُ


الصفحة التالية
Icon