ومع هذا كله؛ فلا تحزن أخي بل اسعد، واصمد، واطمئن، وأبشر، وتفاءل، فكل أمر مرهون بوقته: ﴿إن الباطل كان زهوقاً﴾، وصدق العقاد حين قال: (كثيراً ما يكون الباطل أهلاً للهزيمة، لكنه لا يجد من هو أهل للانتصار عليه)، فالمفسدون (يومهم بلا غد، وأرضهم بلا سماء، وعملهم بلا خاتمة، وسعيهم بلا نتيجة)، ﴿أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب﴾، قال تعالى: ﴿وَقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً﴾، تذللوا وخضعوا لفقه القساوسة والرهبان، فكان إسلامهم (هدماً بلا بناء، وصفة بلا معنى)، وما أكثر -فيهم- من يحب أن يدعى قساً ولم يخدم الكنيسة.
صَعَافقة (الأحداث) – ليس عندهم علم ولا فقه، يشهدون السوق وليست لهم رؤوس أموال ولا نقد- بل هم رجْرجة الكتاب لا سَبَدٌ ولا لَبَدٌ، ولا عافطة ولا نافطة، أسلوبهم (ماله هِلَعٌ ولا هِلَعَة ولا سَعْنَة ولا مَعْنة ولا هَاربٌ ولا قارب وأبلغ الرد على هؤلاء الذين قلدوا الغرب بعين عوارء، وأخرى شوهاء: نشر كتب التفسير وعلومه، وكتب الحديث وعلومه، وسائر علوم الشرع الحنيف. وفكرهم مسموم بل هو مولود غير طبيعي لأنه ولد مشوهاً، ورضع ألباناً فاسدة.
إنهم يركبون قصبة فيرونها فرساً سبوقاً، ويحملون خشبة يُلَوحُون بها في (أحداثهم) على أنها سيف صقيل، (فيا لله العجب من ذبابة تطن في أُذن فيل)، ولسان حال القارئ يقول: ( يا عمر أبعدت النجعة، أسْرع الله بك الرَّجعة)، (إفْعَلْ ما هو صحيح، ثم أدِرْ ظهرك لكل نقد سَخيف). فقد أحنى عليهم الدهر. حتى ولو خلطوا الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين. وتمثل في وُجوههم بقول الشافعي:
والصمت عن جاهل أو أحمق شَرفُ * وفيه أيضاً لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الأُسْدَ تُخْشَى وهي صامِتةٌ * والكلبَ يُخْسَى -لعمري- وهو نَبَّاحُ
وقوله:
أعرض عن الجاهل السفيه * فكل ما قال فهْو فيه