فهذه التعريفات تعطي صورة واضحة لاصطلاح عام للقاعدة، وقد جرى هذا الاصطلاح في جميع العلوم، فإن لكل علم قواعد، فهناك قواعد أصولية وقانونية ونحوية وغيرها. فالقاعدة عند الجميع هي: أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته. مثل قول النحاة: (الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، والمضاف إليه مجرور). وقول الأصوليين: (الأمر للوجوب، والنهي للتحريم)، فمثل هذه القاعدة سواء في النحو أو في أصول الفقه أو ما سواهما من العلوم قاعدة تنطبق على جميع الجزئيات، بحيث لا يندّ عنها فرع من الفروع.
وإذا كان هناك شاذ خرج عن نطاق القاعدة، فالشاذ أو النادر لا حكم له، ولا ينقض القاعدة.
لكن الفقهاء قد عبروا عنها أحياناً بقولهم: (ينطبق عليها جزئيات كثيرة). فاكتسب الانطباق معنىً آخر وانبنى عليه.
عرف تاج الدين السبكي القاعدة بقوله: (هي الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة، تفهم أحكامها منها).
قال أبو عبد الله المَقَّري (قواعده) (١/٢١٢): (ونعني بالقاعدة: كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود، وجملة الضوابط الفقهية الخاصة).
ويقول الحموي :(إن القاعدة هي عند الفقهاء غيرها عند النحاة والأصوليين، إذ هي عند الفقهاء: حكم أكثري لا كلي، ينطبق على أكثر جزئياته لتُعرف أحكامها). وذكر ذلك مصطفى بن محمد كُوزل حصارى، المرادي، الرومي النقشبندي الحنفي الملقب بخُلوص، فقيه أصولي متكلم، من آثاره: (حاشية الشرح الصغير لإبراهيم الحلبي)، وسماه: (حلية التاجي في فروع الفقه الحنفي)، و(منافع الدقائق في شرح مجامع الحقائق في أصول الفقه) للخادمي. انظر: (معجم المؤلفين).


الصفحة التالية
Icon