و(هدية العارفين) ذكر ذلك بشيء من التفصيل فقال: (وأما في الاصطلاح؛ فحكم كلي ينطبق على جميع جزئياته، ليُتعرف به أحكام الجزئيات، والتي تندرج تحتها من الحكم: كالأمر للوجوب يندرج تحته قضية الصلاة واجبة، والزكاة واجبة مثلا، ويندرج تحتها جزئيات: صلاة زيد واجبة، وزكاة زيد واجبة مثلاً. قيل: هذا عند غير الفقهاء، وأما عندهم؛ فحكم أكثر ينطبق على أكثر جزئياته، لكن المختار: كون القواعد أعم من أن تكون كلية وأكثرية كما أشار إليه المصنف).
قال الشيخ خالد السبت: (ذكر أهل العلم للقاعدة في الاصطلاح تعاريف متعددة –وكثيرة منها متقارب- أذكر منها ما أظنه أكثر دقة وأدل على المقصود، فأقول: هي حكم كلي يُتعرف به على أحكام جزئياته).
ذكر بعض محترزات التعريف:
١- قولنا: (حكم كلي): لا يرِد عليه أن كثيراً من القواعد لها استثناءات، وأحكام تندُّ عنها، لأن العبرة بالأغلب. والنادر والشاذ لا يخرم القاعدة. قال الشاطبي :(.. والأمر الكلي إذا ثبت فتخلف بعض الجزئيات عن مقتضى الكلي لا يُخرجه عن كونه كلياً. وأيضاً؛ فإن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي، لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت. هذا شأن الكليات الاستقرائية، واعتبر ذلك بالكليات العربية؛ فإنها أقرب شيء إلى ما نحن فيه، لكون كل واحدٍ من القبيلين أمراً وضعياً لا عقلياً.
وإنما يتصور أن يكون تخلف بعض الجزئيات قادحاً في الكليات العقلية، كما تقول: (ما ثبت للشيء ثبت لمثله عقلاً)، فهذا لا يمكن فيه التخلف البتة، إذ لو تخلف لم يصح الحكم بالقضية القائلة: (ما ثبت للشيء ثبت لمثله). فإن كان كذلك؛ فالكلية في الإستقرائيات صحيحة وإن تخلف عن مقتضاها بعض الجزئيات.


الصفحة التالية
Icon